أبناء يعقوب
نبيهة عمر
شعر حر
هذا النص الشعريّ، تحيّةً منّي لكلّ مغترب ومهاجر ومُهجَّر وطريدٍ وغريبٍ في وطنه، لكلّ من عانى الظلم ولم يحفَل به أحد...
ذاك المساءْ، أنَّى...
تُلاقي الظلامَ أعطافُ السّحابْ
وتُولَدُ نجومٌ و تغورُ أُخَرْ
ويتثاءَبُ الصُّبحُ وليدًا
يُجاهِدُ بعينيهِ بدايةَ يومٍ جديدْ
هناكْ...
في غيْهب الجُبِّ، كان القرارْ
دَعُوهُ يَمُتْ...
عَلَّ أبَانا ينسَى لَظاهْ
ولنا الحُكمُ ذليلاً يَؤُولْ
ويؤْثِرُنا، بعدَ صبْرٍ بِمجدٍ تليدْ
دَعُوهُ..ثلاثينَ أوْ يزيدْ..
******************************************
وأقْبَلوا على أبيهِم يتباكُون:
"لقد غدَرَ الذّئبُ"
كَلاّ... فما طَبْعُ االذّئابِ تكيدْ
ولكنْ... يخونُ ابنُ آدمَ
و يَسفِكُ دمًاحرامًا
وسُحتًا يُريدْ
وأُعلِنَ في الرَّكْب أنْ:
"حيَّ على المسيرْ
بِنَا نمْضِ! "
ففي الأُفقِ أمانيُّ خالباتٌ
وحلْمٌ يُراوِدُ الرّاحلين
صباحَ، مساءَ، وفي كلّ عيدْ
هناكَ ...بصوتٍ كسيرْ
صاحَ.. يصيحُ... ومازال منذُ ألفِ عامٍ يصيحْ...
"إليَّ ! أنجِدوني.. فلِي في بلادي أبٌ حزينٌ
تفَطّرَ القلبُ منه شظايا
وابْيضّتْ عُيونٌ
وغادرَ الحُبُّ أرْضي
و غارتْ مياهٌ وشحّتْ رعودْ
واسْتوطنَ الجوعُ بَطني
فَكيفَ أجوعُ وفينا
نيلٌ وفراتٌ وربعٌ خَصيبْ؟"
أ مَا آنَ للمُشتاقِ أن يعودَ
فتُعشِبَ الأرضُ بعد يَبسٍ
وتعلُوَ زغاريدُ عُرسٍ
ويُورِقَ العُودُ بعدَ مَواتٍ
ويتفجّرَ الضّرعُ حُبًّا
ويَخصِبَ رحِمٌ عقيمْ
أمَا آنَ للمُغادرِ أن يعودَ
لحُضنٍ تحجّرَ
لفرْطِ غيابٍ
" رمَوْني في قعْر بئرٍ... أبي!!
وهانَ دمي، فصار ماءً
آهٍ !!
أكَذا' أُخيَّ، ذئباً تعودْ؟!
وما خانَ ذئبٌ ولكنّ ابنَ أمّي يخون" *************************************
كفاكَ رياءً، أخَا العُربِ !
فمثلُك بنُو يعقوبَ كادُوا
واللهُ يكيدْ...
فلا عهدًا تصونُ ولا وُدًّا تجودْ
تجَمّدَ منكَ الدّمُ في العِرقِ
فَما سمِعتَ عَويلي
ووقفتَ تشرَبُ أنخابًا على لحْن حُزني
وتُدْني كؤوسًا
تفيضُ عليَّ، سمًّا زعافًا
فهيهاتَ تصحُو ...وقد ماتَ فيكَ
انتماءٌ ونامَ الضميرْ
أشِحْ بعَينيكَ عنّي!
فجُرحي عُصورٌ و حُزني عهودْ
تَغابَ! تَعامَ!
سيحِنُّ الغريبُ لصوتِ الصّغيرِ
وكَمْ حَنّ قلبُ عدوٍّ لدودْ
ويسجُدُ له ألفُ قمرٍ
وتنحنِي الكواكبُ خشوعًا
ويَشدُو لعوْدي يمامٌ
و يُخسَف كلُّ خِبٍّ حقودْ
تمت القراءة 42 مرة
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!