ملحمة النسيان

نبيهة عمر
خاطرة
ملحمة النسيان تعزف على وقع الذاكرة! بعض المنافي تسكن فينا. كنقطة ضوء...عند شفق الوعي... تخترق الظلام. هكذا تشتغل الذاكرة! يتفصّد الجبين عرقا. أنهكته محاولة النسيان. أيّة جروح ناتئة تلك التي تنزً تحت جدار الذاكرة!! يتهافت النفس صعودا نزولا...لا ينكأ الجرح الغميق إلّا نصل الذاكرة. "كفى بالمرء نصبا أن تعذبه الذاكرة"  أيّة نعمة هي النسيان! ثمة من الناس من يدفع ما لديه حتى ينسى. كم جميلة هي جنة النسيان! ولكنها جنة مرجوة، مزعومه. نتمسك بها كي تنقذنا من جحيم الذاكرة . كم أبدع الخالق حين خلق فينا الذاكرة! لعل السرّ فينا...فيها جنتنا وفيها جحيمنا. " لا تظننّ الجنة والنار خارجا إنهما بداخلك." .للذاكرة نوافذ وأبواب. على كل منفذ يقف حارس. خزائنها مختومة. أفعالك هي ملكك ما لم تخزنها الذاكرة. ثم يصبح سجلك بعدها محتوما. تجلدك صباحا مساء...تنغّص عليك لذة الكائن وما كان وما يكون. أنت حرّ حتى تقع رهينا لذكرياتك. هي التي تصنع حاضرك وآتيك. " لا شيء يسلم من مِرشح الذاكرة." نحن نعيش على إيقاع الماضي أكثر مما نحيا الحاضر والقادم . هل حاولت يوما الهروب...من براثن الذاكرة؟ " لست حرّا... حتى تنسى. " و النسيان منفى اختياري. تنتزع نفسك مما كان انتزاعا وتركن  في زاوية من زوايا الإدراك. تتوهم أنك انتصرت وصرت حرًا لكنها تراقبك..تطاردك.. تتخلل زواياك المعتمة...تفتض فيك الخصوصية. حين تفلح في الخلاص من ربقة  الواقع تقع أسيرا لسجون الذاكرة. ففرّ حيثما شئت... اركض! توارَ  ! سيجفّ منك الحلق وتتمطّط الأوردة حتى تشعر بكل ما كان يخترق خلاياك من جديد ، كرّة بعد كرّه ، حتى تستسلم في النهاية! " لا أحد ينجو من منافي الذاكرة فالنسيان...منفى داخل الذاكرة."
تمت القراءة 22 مرة

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!