الإسلام ومبدأ الانتشار
نبيهة عمر
خاطرة
الإسلام و مبدأ الانتشار
حين ولد الإسلام ولد يتيما. في غار منعزل، نزل الوحي على رجل وحيد لا سند ولا مدد ولا عدد ولكنه مكفول برعاية ربانية .
ثم تضاعف العدد بخديجة زوجة الرسول وعضده الأول و بدأ بالانتشار شيئا فشيئا بين الناس بعون من الله كبير و شجاعة من الرسول خارقة و بقدرته على البقاء على العهد. إذ امر الرسول الشاب أن يعلن الأمر على الناس وأن يدعوهم إلى الانخراط في هذا الدين الجديد، معلنا بذلك تأسيس دولة الإسلام.
حتى تلك اللحظة كان انتشار الاسلام سلسا مرنا، ناعما، إنما هو دعوة للحق واستجابة أو رفض. ولكن هذه المرحلة اي مرحلة التاسيس الساذج أو لنقل العفوي سرعان ما تعاظمت لتصبح رغبة في بناء دولة الاسلام وبلاد الإيمان .عندها جوبه الإسلام بالرفض العنيف فكان لا بد من الرد على العنف بعنف آخر إنها دعوة هذه المرة بلسان السيف وحدّه.
كانت لحظة فارقة حين أدرك المسلمون أن فرض الوجود و البقاء لن يكون إلا بالتعامل مع السيف. لقد ولدت مع هذا الدين الجديد معارضة عنيفة ولكنها لم تكن بالجديدة هي معارضة لفكرة الدين الواحد الذي يقضي على الفوارق ويزيل الطبقات ويساوي بين الأشخاص فكما رفض محمد رفض من قبل، ابراهيم وموسى وعيسى. كان لا بد على من كانت له الغلبة يومها إذن من التعامل السريع مع هذه الدعوة التي عاينوها وهي تحمل الناس على الخروج على شرائع الاولين و تثور على فلسفة هيمنة الثلة أو الأقلية الساحقة، تلك الفلسفة التي أقيمت عليها عروش القبلية العربية وعروش الملكية في كل مكان.
إنها ثورة تقوم على فكرة المساواة بين الناس والاستثمار في الفرد إذ لا فرق في الاسلام بين أبيض واسود بين فقير وغني أما الفرق الحقيقي فبالتقوى و الولاء للدولة.
هذه الثورة الصادمة زعزعت كيانا و خلخلت عروشا. إنها جاءت تعلن قيما جديدة وفلسفة مختلفة. ترى الانسان وفق قيمته المعنوية لا قيمته المادية وتطيح بمقولات النسب والعرق وتضرب بها عرض الحائط. فلا غرابةإذن أن يلقى هذا الدين الثائر على أهم اركان العالم القديم، رفضا عنيفا فكان السيف من حسم المعركة بين نظام القبيلة ونظام الأمة.
وهنا توجهت الأنظار نحو بناء الأمة لا الدولة. غير أن السيف لن يكون أداة المعركة ستكون معركة أفكار وقيم، ولا داعي للعجب حين تراجع فصول التاريخ فتقرأ في دفاتره عن مدن سلمت مفاتيحها لجيوش الفتح الإسلامي دون قتال بل تأتي عند عتبات دولة الإسلام تعلن الانتماء الطوعي لراية لا الاه الا الله محمد رسول الله .
لقد تحولت هذه الراية من راية قرشية الى راية أممية. بين فكرة السيادة للنسب الرفيع إلى فكرة السيادة للانسان الذي يعبد الله وحده ويجهر بالعقيدة الجديدة..
ولأن الاسلام ليس دينا لاهوتيا روحانيا صرفا بل هو دين دولة و حياة فقد تعامل مع العنف مرة بالعنف وأخرى باللين واحيانا بالتحالفات وربما بفلسفة التعايش أيضاً. إن هذا الدين كان يحمل داخله برعمة التوسع والانتشار لأنه دين أنزله الله لكل البشر وأرادهم ان ينضووا تحت لوائه. ولم لا فهو شريعة كونية تذوب فيها الفوارق ويسمح فيها للجميع بالنماء والازدهار والسلام.
وبناء على ما سبق نرى الإسلام اليوم ينتشر بفضل هذه الجذوة داخله جذوة القيم الانسانية المشتركة، إنها تلك الطاقة على التمدد واستيعاب الانسان في أقصى احتياجه إلى السلام . لذلك فلا معنى اليوم أن يحمل الإسلام شعار السيف عندما أصبح مجال النزال هو الفكر. فقط انظر للجموع التي تدخل الى الإسلام كل يوم.
إن الإسلام يحمل راية القيم الانسانية وكل الذين يرومون نشره بالسيف إنما هم جاهلون بروح الاسلام بل بقوته وعمقه فهم لم يتجاوزوا في الحقيقة أعتاب
تمت القراءة 19 مرة
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!