مرآتي

نبيهة عمر
خاطرة
مرآتي إليك أبثّ وجعي... وقفتْ اليوم أمام المرآة. لم يعجبها ما رأت. كانت هناك تجاعيد غائرة قد بدأت تبرز في وجهها كم كانت بغيضة على نفسها! عيناها ما عادتا تلمعان كما في الماضي، حتى ابتسامتها صارت خرساء. شعرها الذي كان مضرب الأمثال بين صويحباتها صار ماضيا وولّى. حتّى يدها التي كانت تتحسّس بقايا الجمال الذي خبا، أنكرتها .إنّها لا تشبه يدها. كان هناك عرق أزرق غليظ ناتئ من تحت الجلد يعلن في سفور قسوة الزمن حين مرّ بها. ما هزّها في تلك الآونة، ليست الحسرة على ذاك الجمال الذي كان في عنفوان الشباب. في الحقيقة، ليس هذا بالأمر الذي يشغلها. هي تعلم جيّدا أنّ لكل مرحلة من العمر سحرها ورونقها و أنّ الجمال الباطني أجلّ وأسمى وأنّ المرأة تظل جميلة في عيون من يحبها وهي تتغذى على هذا الشعور ما حييت . ما أقضّها كانت هموم أعمق وأرسخ، من قبيل، فيم أفنيتُ هذا الجسد؟ وهل يا ترى أدّيت رسالتي على الوجه الأكمل؟ هل كنت الأم الصالحة والزوجة المحبة والصديقة الودود والأخت الحنون والإنسان الصالح في هذا الوجود؟ هل يا ترى أفلحت في القيام بدوري في هذه الحياة أم أنّني أضعت السبيل؟ هل كان بامكاني أن أكون أفضل ممّا كنت عليه؟ هل كانت اختياراتي صائبة وقراراتي مسؤولة؟ وأين أنا من كلّ هذا ؟ هل أعطيت هذا الجسد حقّه أم انني كلّفته ما لا يطيق؟ وهذه الروح هل متّعت بهذا الجسد أم عاشت حبيسة في قمقمه، تئن دون أن يأبه لها ؟  أشاحت بوجهها عن المرآة...كم هي قاسية!  لا تجاملك ولا تخدعك إنها  تلقي إليك الحقيقة دفعة واحدة و دون مساحيق.. يقال إنّ المرآة عدوّة المرأة... لأنها صادقة لا تعرف الخداع ولا النفاق. 
تمت القراءة 12 مرة

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات حتى الآن. كن أول من يعلق!